إنسان بعمر 250 سنة | الثِمار الطيّبة للثّورة الحسينيّة 05

لقد قام الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام بعملٍ، أدّى إلى ظهور أشخاصٍ في جميع عهود الحكومات الطاغوتية، ورغم أنّهم كانوا أبعد عن عصر صدر الإسلام إلّا أنّ إرادتهم للقتال والجهاد ضدّ جهاز الظّلم والفساد كانت أكبر من عصر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام ـ كما كان يُقضى عليهم جميعًا، فبدءًا من قضية قيام أهل المدينة المعروفة بالحرّة، إلى الأحداث اللاحقة وقضايا التوّابين والمختار الثقفي إلى عصر بني العبّاس، ففي الداخل هناك شعوبٌ دائمًا ما تثور. فمن ذا الّذي أوجد مثل هذه الثّورات؟ إنّه الحسين بن علي عليه السلام. فلو لم يثر الإمام الحسين عليه السلام هل كانت لتتبدّل هذه الروحية الكسولة والمتهرّبة من المسؤوليّة إلى روحيّة مواجهةٍ للظلم وتحمّل المسؤوليّة؟ لماذا نقول إنّ روحيّة تحمّل المسؤوليّة كانت ميّتة؟ إنّه بسبب أنّ الإمام الحسين عليه السلام ذهب من المدينة، الّتي كانت مهد الرّجال العظام في الإسلام، إلى مكّة. وكان أبناء العبّاس والزبير وعمر وأبناء خلفاء صدر الإسلام قد اجتمعوا جميعهم في المدينة، ولم يكن أيٌّ منهم حاضرًا أو مستعدًّا لمساعدة الإمام الحسين عليه السلام في هذه الثّورة الدمويّة والتّاريخيّة.

 

إذًا، فإلى ما قبل بدء ثورة الإمام الحسين عليه السلام، لم يكن الخواصّ مستعدّين ليخطوا خطوةً واحدة. أمّا بعد ثورة الإمام الحسين عليه السلام فقد أٌحييت هذه الرّوحيّة. وهذا درسٌ كبير ينبغي أن نُضيفه إلى الدّروس الأخرى في واقعة عاشوراء. عظمة هذه الواقعة هي هذه. هذا الّذي يُقال: "الموعود بشهادته قبل استهلاله وولادته، (هذا الّذي) بكته السماء ومن فيها والأرض ومن عليها"  قبل ولادته، إنّه الحسين بن عليّ عليه السلام الّذي له ذلك العزاء الكبير ونحن نُعظّمه. وبحسب هذا الدّعاء أو الزّيارة فإنّ البكاء عليه هو من أجل ذلك. لهذا، عندما ننظر اليوم نرى أنّ الذي أحيى الإسلام وحفظه هو الحسين بن علي عليه السلام.

(26/01/1993)

 


المصدر: كتاب إنسان بعمر 250 سنة، للامام الخامنئي، الفصل السادس: الإمام الحسين (ع)

2025-04-21 | 7 قراءة