إنسان بعمر 250 سنة | مواجهة الإمام السجاد (ع) مع علماء البلاط 06

في تتمّة بحثنا حول القضايا المرتبطة بسيرة الإمام السجّاد عليه السلام وأساليبه وخططه لإيجاد الأرضيّة المساعدة للحركة الإسلاميّة العظيمة، الّتي يُمكن أن تنتهي بإقامة الحكومة العلويّة والحكومة الإسلاميّة: ذكرنا ما ملخّصه أنّ هذه التحرّكات كانت تتّجه إلى التّبيين والتّوضيح بالنّسبة للبعض وإلى التشكيلات والتّنظيم بالنسبة لبعضهم الآخر، وإلى الهداية والإرشاد بالنسبة لآخرين. وهكذا يُتخيّل الإمام السجّاد، من خلال هذه الصّورة الّتي قدّمناها، إنسانًا صبورًا سعى خلال 30 أو 35 سنة متواصلة إلى جعل تلك الأرضيّة غير المساعدة بتاتًا في العالم الإسلاميّ، تتّجه نحو الظّروف الّتي يُمكن له عليه السلام أو لخلفائه أن يُحقّقوا من خلالها المجتمع الإسلاميّ، والحكومة الإسلاميّة.

 

ولو اقتطعنا تلك السّنوات الخمس والثلاثين لسعي الإمام السّجاد عليه السلام من حياة الأئّمة، لجزمنا بعدم وصول الأمر إلى الإمام الصادق عليه السلام بتلك الحال الّتي تمكّن معها من التصرّف والتّعاطي الصّريح والواضح مع الحكم الأمويّ، والعبّاسيّ فيما بعد.


 
وعليه، فلأجل إقامة وتحقيق المجتمع الإسلاميّ، لا بدّ من الأرضيّة الفكريّة والذهنيّة. وهذا ما يُعتبر أهمّ من أيّ شيء آخر. وقد تطلّب إيجاد هذه الأرضيّة الفكريّة والذهنية في تلك الظّروف الّتي كانت موجودة في ذلك العصر من العالم الإسلاميّ، سنوات مديدة. ذلك العمل الّذي نهض به الإمام السجّاد عليه السلام متحمّلًا أعباءه الجسيمة وتكاليفه الباهظة.

 

إلى جانب هذا، نجد في حياة الإمام السّجّاد عليه السلام بعض المساعي الأخرى الّتي تدلّ في الواقع على مدى تقدّم الإمام عليه السلام في المجال المذكور. والقسمُ الأعظم من هذه المساعي، سياسيٌّ، وأحيانًا شديد القساوة، وأحد نماذجه التي نستطيع أن نجدها هو مواجهة الإمام السجّاد للعلماء التّابعين والمحدّثين الكبار العاملين لدى الجهاز الحاكم. هذا بحثٌ في مجال هذا التعامل. وأحد أكثر الأبحاث إثارةً في حياة الأئمّة عليهم السلام هو بحث مواجهة هؤلاء العظام لحملة الفكر والثقافة في المجتمع الإسلاميّ، أي العلماء  والشعراء. فقد كان الأئمّةعليهم السلام يتحمّلون مسؤولية هداية النّاس في أفكارهم وأذهانهم، وأولئك كانوا يوجّهون النّاس إلى الوضع الّذي يريده خلفاء بني أميّة وبني العبّاس، ليكون حاكماً على المجتمع ويجعل النّاس مطيعين ومستسلمين.

 

كما نعلم، لقد كان الحكّام الظّالمين والجائرين يرون أنّ جذب قلوب النّاس إليهم هو أهمّ عامل في بقاء ملكهم وسلطانهم. فالفاصل الزمنيّ بين النّاس وبين صدر الإسلام لم يكن كبيرًا، لذا فإنّ إيمان النّاس بالإسلام كان ما يزال قويًّا. فلو أدرك النّاس أنّ البيعة الّتي قدّموها للحكّام ليست صحيحة، وأنّ هذا الظّالم لا يجوز أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنّهم لما رضوا بتسليمه قيادتهم بتاتًا، وحتّى لو قلنا بأنّ هذا الأمر لا يشمل جميع النّاس، فعلى الأقلّ نقول بأنّ القدر المسلّم به هو أنّ الكثيرين في المجتمع كانوا يتحمّلون الوضع المنافي للإسلام في الجهاز الحاكم نتيجة الإيمان القلبيّ بمعنى أنّهم كانوا يتصوّرون بأنّ هذا الوضع هو وضعٌ إسلاميّ. ولإبقاء هذه الضبابيّة في أذهان النّاس، كان حكّام الجور يستغلّون المحدّثين وعلماء الدين قدر الإمكان ويُحركّونهم طبقًا لمصالحهم، فيطلبون منهم وضع الأحاديث واختلاقها ونسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصّحابة الكبار بما يوافق ميولهم وأهواءهم.

 

في هذا المجال توجد موارد تقشعرّ منها الأبدان، ونحن ننقل بعضًا منها كمثال:


في زمن معاوية التقى شخص بكعب الأحبار . ولأنّه كان لكعب روابط حميمة مع معاوية وزعماء الشّام، سأل كعبُ ذلك الشّخص: من أين أنت؟
- من أهل الشام.
- لعلّك من ذلك الجيش الّذي يدخل منه 70 ألف جندي إلى الجنّة دون حساب.
- من هم هؤلاء؟
- إنّهم أهل دمشق.
- كلا، لست من أهل دمشق.
- إذاً، لعلّك من ذلك الجيش الّذي ينظر الله إليه كلّ يوم مرّتين!
- من هم هؤلاء؟
- أهل فلسطين!

 

ولربّما لو قال ذلك الشّخص: إنّني لست من أهل فلسطين، لنقل له كعب الأحبار أحاديث عن كلّ أهالي بعلبك وطرابلس وبقيّة مدن الشام تحكي عن أنّ أهل الشام هم الأفضل، وأنّهم أهل الجنّة. وكان كعب الأحبار يختلق هذه الأحاديث ويصفها لأمراء الشّام إمّا تملّقًا، حتّى يكون نصيبه أكثر ومنزلته في قلوبهم أعلى، وإمّا بسبب العداء المتجذّر في نفسه للإسلام وحتّى يُصعّب الوصول إلى أقوال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

 

ويوجد في كتب التّذكرة والرجال والحديث الكثير من أمثال هذه القصص. منها قصّة ذلك الأمير الّذي أرسل ابنه إلى المدرسة (الكتّاب) فضربه المدرّس. وعندما رجع الابن باكيًا إلى أبيه وأخبره، غضب الأب وقال: سأذهب وأضع حديثًا على هذه المدرسة حتّى لا يُكرّروا فعلتهم هذه.

 

ونعلم من هذه القصّة كم كان اختلاق الأحاديث عندهم سهلاً، حتّى ولو كان بدافع العصبيّة أو الشّفقة على دموع طفل. وعلى أيّ حال فقد كان لهذا الوضع أثرٌ واضحٌ في إيجاد ذهنيّة وثقافة منحرفة وبعيدة عن الإسلام. كلّ ذلك كان بسبب أولئك المحدّثين والعلماء العاملين في خدمة السّلاطين والأقوياء. وفي مثل هذا الوضع تُعتبر مواجهة هؤلاء عملًا في غاية الأهميّة.


 
يوجد هنا نموذج يُبيّن كيفيّة مواجهة الإمام السجّاد عليه السلام لهذا الوضع، وذلك في تعامله مع محمّد بن شهاب الزهريّ:


كان محمّد بن شهاب الزهريّ  في البداية أحد تلامذة الإمام السجّاد عليه السلام المقرّبين، أي أنّه من جملة الّذين تعلّموا علومهم ونقلوا الأحاديث عن الإمام عليه السلام، ولكن بالتدريج ــ بسبب التجرّؤ الّذي كان فيه ــ اقترب من نظام الحكم حتّى صار أحد أعوانه وتحوّل إلى واحدٍ من زمرة العلماء والمحدّثين الّذين وقف الأئمّة عليهم السلام في قبالهم.

 

ولأجل أن نطّلع أكثر على وضع الزهريّ ننقل عدّة أحاديث بشأنه:

 

  • أحد هذه الأحاديث، ما جاء عنه: "كنّا نكره كتابة العلم، حتّى أكرهنا عليه السّلطان فكرهنا أن نمنعه أحدًا" . ويُفهم من هذا الحديث، أنّه حتّى ذلك الزّمن، لم يكن متعارفًا بين هذه الطائفة من المحدّثين أنّ كلّ ما يعلمونه من الأحاديث ينبغي أن يكتبوه، وكذلك يتّضح أنّ محمد بن شهاب الزهريّ كان في خدمة الأمراء وأنّه كان يُحمل على كتابة الأحاديث الّتي تُناسبهم.

 

  • كان أحدهم ويُدعى معمرًا يقول: "كنّا نظنّ أنّنا قد نقلنا من الزهريّ أحاديث كثيرةً إلى أن قُتل الوليد" . فعندها رأينا كتبًا كثيرة تُحمل على ظهور الدوابّ وتُخرج من خزائن الوليد ويُقال: هذا علم الزهريّ!  أي 


 
أنّ الزهريّ وضع من الأحاديث الّتي تُناسب الوليد وأهواءَه ما عجزت عن حمله الرّجال. فما حال تلك الأحاديث؟ ممّا لا شكّ فيه أنّها لا تُدين الوليد وإنّما تؤيّد أعمال الوليد وأمثاله وتُصحّحها.

 

  • ويوجد حديثٌ آخر يتعلّق بفترة ارتباط الزهريّ بالنّظام الحاكم. فقد روى اليعقوبيّ في تاريخه: "إنّ الزهري يُحدّثكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: لا تُشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى وإنّ الصخرة الّتي وضع رسول الله قدمه عليها تقوم مقام الكعبة" .

 

ويعود هذا الحديث إلى ذلك الزمن الّذي كان عبد الله بن الزبير حاكمًا فيه على مكّة. وبطبيعة الحال، فإنّه كان لا بدّ للنّاس الّذين يريدون الحجّ أن يدخلوا مكّة ــ التي كانت تحت نفوذ ابن الزبير ـ وكانت تلك الأيّام فرصةً مناسبة له للتبليغ ضدّ أعدائه ـ وخاصّة عبد الملك بن مروان ـ ومن جانبٍ آخر بما أنّ عبد الملك كان يُدرك خطورة هذا الأمر، ولكي يمنع النّاس من الذهاب إلى مكّة رأى أنّ أفضل الطّرق هو وضع أحاديث تُبيّنُ أنّ شرف القدس بمنزلة شرف مكّة. ونحن نعلم ـ في العرف والثّقافة الإسلاميّة ـ أنّه لا توجد منطقة في العالم توازي الكعبة شرفًا ومكانةً ولا يوجد حجر في الدّنيا يُضاهي الحجر الأسود. فكانت تلك الأحاديث المختلقة وسيلة لعبد الملك لكي يدفع النّاس للذهاب إلى فلسطين، لأنّ فلسطين جزءٌ من الشّام وتحت نفوذ عبد الملك. فإلى أيّ مدى كان لهذه الأحاديث تأثيرٌ في نفوس النّاس وأفعالهم؟ وهل حدث في زمن ما أنّ النّاس حجّوا إلى بيت المقدس بدلًا من مكّة أم لا؟ ولو حدث ذلك لكان ينبغي أن نعدّ المجرم الأصليّ أو أحد المجرمين هو محمد بن شهاب الزهري الّذي حرّف الأمر في أذهان النّاس لأجل مآرب عبد الملك السّياسيّة.

 

  • وعندما يُصبح الزهريّ تابعًا لجهاز الخلافة، فلن يمنعه شيء من وضع الأحاديث ضدّ الإمام السجّاد عليه السلام والتّنظيمات العلويّة ــ منها ما وجدته في كتاب "أجوبة مسائل جار الله" ـ تأليف المرحوم السيد عبد الحسين شرف الدين ـ حيث يدّعي الزهريّ في رواية أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان جبريًّا، وينسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في معنى الإنسان في الآية ﴿وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا﴾  أنّه أمير المؤمنين عليه السلام (والعياذ بالله).

 

  • في روايةٍ أخرى ينقل أنّ حمزة سيّد الشهداء كان شارب خمر. وإنّما جعل هاتين الرّوايتين لدعم الجبهة السّياسيّة المتسلّطة ـ لعبد الملك وبني أميّة ـ مقابل أئمّة الهدى عليهم السلام، وبالتالي لنسف عترة النبيّ وسلالته ـ الّذين كانوا يواجهون الأمويين ـ بعنوان أنّهم مسلمون من الطّراز الأوّل، ويُعرّفهم على أنّهم مثل غيرهم من العوامّ والمقصّرين في تطبيق أحكام الدّين!

 

بالنسبة للزهريّ وأمثاله، فقد وقف الإمام السجّاد عليه السلام موقفًا حازمًا وقاسيًا جدًّا حيث يُلحظ هذا من خلال الرّسالة الّتي وجّهها إليه.


 
بالطّبع، قد يتساءل بعض النّاس إلى أيّ مدى يُمكن أن تعكس "الرسالة" هذا الموقف الشّديد؟ ولكن بالالتفات إلى شدّة اللهجة في مضمون هذه الرسالة الموجّهة إلى الزهريّ، وكذلك بالنسبة للجهاز الحاكم، وأنّها لا تنحصر بمحمّد بن شهاب، بل كانت تقع في أيدي الآخرين وتنتقل بالتدريج عبر الألسن والأفواه وتبقى عبر التاريخ (كما أنّنا اليوم وبعد أكثر من 1300 سنة نتناولها بالبحث)، بالالتفات إلى كلّ هذه الأمور، يُمكن أن نُدرك حجم الضّربة الّتي وُجّهت إلى القداسة الشّيطانيّة والمصطنعة لمثل أولئك العلماء. لقد كانت الرّسالة خطابًا لمحمّد بن شهاب، ولكنّها نالت من أشخاص آخرين على شاكلته. ومن المعلوم أنّ هذه الرسالة عندما تقع بأيدي المسلمين، وبالأخصّ شيعة ذلك العصر، وتنتقل عبر الأيدي فأيّ سقوط لهيبة هؤلاء ومكانتهم ستحدثه في الأعين؟! وهنا ننقل مقاطع من هذه الرسالة: 


في البداية يقول عليه السلام: "كفانا الله وإيّاك من الفتن ورحمك من النار" . في الجزء الثاني من هذه الجملة، نجده يخصّه بالخطاب، لماذا؟ لأنّ كلّ إنسان يتعرّض للفتن، حتّى الإمام السّجّاد عليه السلام ولكن دون أن يسقط فيها. ومحمد بن شهاب يتعرّض للفتنة ولكنّه سقط. أمّا بالنسبة لنار جهنّم فإنّها لا تقترب من الإمام زين العابدين عليه السلام، ولهذا خُصّ الكلام هنا بالزهريّ. وابتداء الرّسالة بمثل هذه اللهجة دليل على تعامل الإمام عليه السلام معه بطريقة تحقير ومعاداة. ثمّ يقول عليه السلام: "فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها أن يرحمك". دقّقوا، لمن الخطاب (موجّه) في هذه الجملة؟ إنّه موجّه لشخصٍ يغبطه الجميع على حاله، فهو أحد العلماء الكبار المقرّبين من النّظام الحاكم، بينما نجد أنّ الإمام عليه السلام يُبيّنه ضعيفًا ووضيعًا.

 

بعد ذلك يُشير الإمام عليه السلام إلى النّعم الّتي حباه الله بها والحجج الّتي أتمّها عليه، ثمّ يقول إنّه مع وجود تلك النّعم من الله، هل تستطيع أن تقول كيف قد أدّيت شكرها؟

 

ويذكر جملة من آيات القرآن ويقول إنّ الله تعالى لن يرضى أبدًا عن قصورك وتقصيرك، لأنّه سبحانه قد أمر العلماء بتبيين الحقائق للنّاس: ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ .

 

وبعد هذه المقدّمة يحمل عليه بطريقةٍ قاسية جدًّا بقوله عليه السلام: "واعلم، إنّ أدنى ما كتمت، وأخفّ ما احتملت، أن آنست وحشة الظّالم، وسهّلت له طريق الغيّ بدنوِّك منه حين دنوت، وإجابتك له حين دُعيت". ويظهر هذا الكلام، الّذي يطرحه الإمام، بوضوح ارتباطه بجهاز السّلطة. "إنّك أخذت ما ليس لك ممّن أعطاك". "ودنوت ممّن لم يردّ على أحدٍ حقًّا ولم تردّ باطلًا حين أدناك"، (وهو الخليفة الظّالم) فبأيّ عذرٍ تُبرّر عدم إرجاعك الحقوق الضّائعة وإزالة المظالم الكثيرة؟ "وأحببت من حادّ الله".


 
والجملة المؤثّرة جدًّا في هذه الفقرة عندما يقول عليه السلام: "أوليس بدعائه إيّاك، حين دعاك، جعلوك قطبًا أداروا بك رحى مظالمهم، وجسرًا يعبرون عليه إلى بلاياهم، وسلّمًا إلى ضلالتهم داعيًا إلى غيّهم سالكًا سبيلهم، يدخلون بك الشكّ على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهّال إليهم؟". ثم يقول: "فلم يبلغ أخصّ وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلّا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم" .

 

وفي هذه الرسالة الشّديدة اللهجة والبليغة يفضح الإمام السجّاد هذا التيار الفكريّ والعلميّ التابع للسلطة والحكم والّذي يتحرّك بدعمٍ سياسيٍّ وحكوميٍّ اجتماعيّ. فأولئك الّذين قبلوا مهادنة النّظام، أصبحوا مطالبين بالإجابة عن السؤال الّذي بقي في المجتمع الإسلاميّ في ذلك الزمان وسوف يبقى عبر التاريخ.

 

إنّني أعتبر هذه إحدى المقاطع المهمّة من حياة الإمام السجّاد عليه السلام، وأشعر بأنّه عليه السلام لم يكتفِ بتحرّك علميّ وتربويّ محدود بين جماعة خاصّة، بل قام بحركة سياسيّة.

(مجلة باسدار اسلام، 11)

 

كان هذا مختصرًا لحياة الإمام السجّاد عليه السلام. وهنا بالطّبع أُشير إلى هذه النقطة أيضًا: رغم أنّ مرحلة إمامة الإمام السجّاد عليه السلام، الّتي امتدّت إلى أكثر من 34 سنة، كانت بعيدة عن المواجهة المباشرة للنّظام الحاكم، إلّا أنّ نشر بساط الإمامة الواسع وتعليم وتربية العديد 
 
من الأفراد المؤمنين والمخلصين ونشر دعوة أهل البيت عليهم السلام كان من أعظم إنجازاته. وهذا ما جعل بني أميّة يمقتون الإمام ويتعرّضون له. وكانوا من قبل قد جرّوه بالأصفاد والأغلال من المدينة إلى الشام - ولم يحدث هذا في كربلاء فقط وإنّما تكرّر في زمنٍ آخر أيضًا - وقد تعرّضوا له في موارد عديدة، وآذاه أعوانهم حتّى وصل بهم الأمر، سنة 95 للهجرة في زمن الوليد بن عبد الملك، إلى تسميمه فارتفع إلى جوار ربّه شهيدًا.

(مجلة باسدار اسلام، 12)

 


المصدر: كتاب إنسان بعمر 250 سنة، للامام الخامنئي، الفصل الثامن: الإمام السجاد (ع)

2025-04-21 | 9 قراءة