مفردات قرآنية 4

القانع والمعترّ

وردت مفردتا (القانع والمعترّ) في الآية السادسة والثلاثين من سورة الحج في قوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

فالحديث في الآية عن الأضحية في الحجّ، حيث تأمر بذكر الله تعالى عند نحرها، ثمّ ترشد إلى كيفية التصرّف بلحمها بعد خروج الروح منها بأن يُطعَم منه الفقراء والمحتاجون..

و(القانع) من القناعة، ويُقصد به الفقير الذي يقنع بما يعطى سواء سأل أم لا.

والمعترّ هو الفقير الذي يأتي طالباً الطعام، وفي ذلك جاء في الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: (القانع الذي يرضى بما أعطيته ولا يسخط ولا يكلح ولا يلوي شدقه غضبا، والمعتر المارّ بك لتطعمه).

وعنه عليه السلام في رواية أخرى: المعتر يعتريك لا يسألك.

وقيل: المعترّ هو الفقير السائل الذي يطالبك بالمعونة ولا يقنع بما تعطيه، بل يحتجّ أيضاً.

وتقديم القانع على المعترّ في الآية إشارة إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالمحرومين المتّصفين بالعفّة وعزة النفس.


القسطاس

 جاء لفظ القسطاس في القرآن الكريم في موردين:

في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الإسراء في قوله تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا).

وبتعبير مشابه في الآيتين الحادية والثمانين والثانية والثمانين بعد المئة في سورة الشعراء على لسان شعيب عليه السلام في قوله عز وجل: (أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ).

القسطاس بكسر القاف، وضمّها هو الميزان، قيل: روميّ معرّب، وقيل: عربي، وقيل مركّب في الأصل من القسط وهو العدل، وطاس وهو كفة الميزان.

و(القسطاس المستقيم) هو الميزان العادل لا يُخسر في وزنه.

جاء في تفسير القمّي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: (القسطاس المستقيم هو الميزان الذي له لسان). ولعلّ ذلك للدلالة على الاستقامة، فإنّ الميزان ذا الكفتين يكون كذلك.

ويرى بعض المفسرين أنّ القسطاس هو الميزان الكبير.


أمُّ القرى

ورد تعبير (أمّ القرى) مرّتين في القرآن الكريم:

الأولى في الآية الثانية والتسعين من سورة الأنعام في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ). والثانية في الآية السابعة من سورة الشورى في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ).

القرى جمع قرية وهي بلغة القرآن اسم لكلّ موضع يجتمع فيه الناس، سواء كان عدد الناس فيه كثيرا أو قليلا. أمّا كلمة (أمّ) فتعني الأصلَ والأساس والمبدأ لكلّ شيء.

وجاء في التفاسير أنّ أمّ القرى هي مكّة، وسمّيت بذلك لأنّ فيها أوّل بيت وضع للناس لعبادة اللَّه عز وجل.. وقيل: إنّها كانت مبدأ ظهور اليابسة عندما دُحيت الأرض من تحت الكعبة على في الروايات الإسلامية.

وتصريح الآيتين أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكلَّف بإنذار أمّ القرى ومن حولها مع أنّ رسالته عالمية يُحمل على كفاية إرسال الرسل إلى مركز كبير من مراكز تجمّع الناس يكون مقصداً لسائر التجمعات، ومن خلاله تُنشر العلوم والأخبار، كما انتشرت أصداء بعثة النبي صلى الله عليه وآله التي كانت في مكة - وبلغت جميع أنحاء الجزيرة العربية في فترة قصيرة.


باغٍ ولا عادْ

وردت جملة (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ) ثلاث مرات في القرآن الكريم، وجميعها في مورد الحديث عمّا يحرم أكله من اللحوم، أوّلها في الآية الثالثة والسبعين بعد المئة من سورة البقرة، وهي قوله تعالى: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

قال الشيخ محمد جواد مغنية في تفسيره (الكاشف): الباغي من يرتكب الحرام من غير ضرورة، والعادي من يتجاوز مقدار الحاجة.

وقال صاحب (تفسير الميزان): فمن اضطر غير باغ ولا عاد، أي غير ظالم ولا متجاوز حده، وهما حالان عاملُهما الاضطرار، فيكون المعنى: فمن اضطر إلى أكل شيء ممّا ذُكر من المنهيات اضطرارا في حال عدم بغيه وعدم عدْوه فلا ذنب له في الاكل، وأمّا لو اضطر في حال البغي والعدْو كأن يكونا هما الموجبين للاضطرار فلا يجوز له ذلك.

2022-11-08 | 325 قراءة