مفردات غريب القرآن الكريم 11

- المفردات:


- بُورًا

- أُجَاجٌ

- شِرْذِمَةٌ

- أَزْلَفْنَا

- قِبَلَ



1- بوراً:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾[1].

- المعنى اللغويّ:

"الباء والواو والراء أصلان، أحدهما: هلاك الشيء وما يشبهه من تعطّله وخلوّه، والآخر: ابتلاء الشيء وامتحانه"[2]. و"البَوَار: فرط الكساد. ولمّا كان فرط الكساد يؤدّي إلى الفساد - كما قيل: كسد حتّى فسد - عُبّر بالبوار عن الهلاك، يقال: بَارَ الشيء يَبُورُ بَوَاراً وبَوْراً. قال عزّ وجلّ: ﴿تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾ (فاطر/ 29)، ﴿وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ﴾ (فاطر/ 10) ... وقال عزّ وجلّ: ﴿وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ﴾ (إبراهيم/ 28)، ويقال: رجل حائر بَائِر، وقوم حُور بُور. وقال عزّ وجلّ: ﴿حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾ (الفرقان/ 18)، أي: هلكى، جمع: بَائِر"[3].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى القوم الهلكى الفاسدين في قوله تعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ

حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا﴾, حيث يسأل الله تعالى المعبودين من دونه، من الملائكة والإنس والأصنام وغيرها، عن سبب ضلال من عبدهم، فيجيبون بتنزيهه تعالى عن الشريك، وينفون عن أنفسهم وعن كلّ من سواه تعالى، الحقّ في ادّعاء الألوهيّة، وينسبون الإضلال إلى الكفّار والمشركين أنفسهم، مع بيان السبب الذي أضلّهم، وهو أنّهم كانوا قوماً هالكين أو فاسدين، وقد متّعهم الله تعالى هم وآباءهم من أمتعة الحياة الدنيا ونعمها، امتحاناً واختباراً لهم، فاستغرقوا في التمتيع واشتغلوا بزينة الحياة الدنيا حتى نسوا الذِكْر الذي جاءت به الرسل عليهما السلام، فعدلوا عن التوحيد إلى الشرك. فكونهم قوماً هالكين أو فاسدين، بسبب انكبابهم على الدنيا، وانهماكهم في الشهوات، واستغراقهم في التمتّع، وانصراف هممهم إلى الاشتغال بالأسباب، وهو السبب لنسيانهم الذِكْر، والعدول عن التوحيد إلى الشرك[4].


2- أجاج:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا﴾[5].

- المعنى اللغويّ:

"الهمزة والجيم، لها أصلان: الحفيف والشدّة، إمّا حرّاً وإمّا ملوحة"[6]. و"قال تعالى: ﴿هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ﴾ (الفرقان/ 53): شديد الملوحة والحرارة، من قولهم: أجيج النار وأَجَّتُهَا، وقد أجّت، وائتجّ النهار"[7].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى شديد الملوحة في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا﴾, حيث بيّن الله تعالى تدبيراً من التدبيرات التكوينيّة التي أجراها في عالم الخلق، وهو أنّه أرسل البحرين: العذب الذي يطيب طعمه، والمالح شديد الملوحة، وجعل بينهما حاجزاً يمنع أحدهما من أن يختلط بالآخر، فلا يفسد الماء العذب بذلك[8].


3- شرذمة:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾[9].

- المعنى اللغويّ:

"الشرذمة هي القليل من الناس، فالذال زائدة، وإنّما هي من شرمت الشيء، إذا مزّقته، فكأنّها طائفة انمزقت وانمارت عن الجماعة الكثيرة. ويقال: ثوب (شراذم): أي قطع"[10]. فـ "الشِّرْذِمَةُ: جماعة منقطعة. قال تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾ (الشعراء/ 54)"[11].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الجماعة القليلة المنقطعة عن جماعة كثيرة، في قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ﴾. فقد حكى الله تعالى في آيات سابقة عن بعض الأحداث التي جرت بين النبيّ موسى عليه السلام وقومه من جهة وفرعون وأتباعه من جهة أخرى، وعن توبة السحرة إليه تعالى ممّا فعلوه من السحر وغيره، والموقف

الإيمانيّ الذي صدر منهم قبال فرعون وطغيانه، وعن جمع فرعون للجيوش ليقبضوا على موسى عليه السلام وقومه، ولحوقهم به عليه السلام وبقومه، لمّا ساروا بأمر الله عزّ وجلّ، ليحولوا بينهم وبين الخروج من أرض مصر، فكان ممّا احتاله فرعون ليجمّع الجموع على بني إسرائيل، أن أوهم الناس أنّهم مجرّد عصابة من الناس قليلة[12].


4- أزلفنا:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾[13].

- المعنى اللغويّ:

"الزاء واللام والفاء يدلّ على اندفاع وتقدّم في قرب إلى شيء. يقال من ذلك: ازدلف الرجل: تقدّم. وسُمّيت مزدلفة بمكّة لاقتراب الناس إلى منى بعد الإفاضة من عرفات. ويقال: لفلان عند فلان زلفى، أي قربى"[14]. و"الزُّلْفَةُ: المنزلة والحظوة. وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً﴾ (الملك/ 27)، قيل: معناه: لمّا رأوا زلفة المؤمنين وقد حُرِمُوها. وقيل: استعمال الزلفة في منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الألفاظ. وقيل لمنازل الليل: زُلَفٌ، قال: ﴿وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ﴾ (هود/ 114)... والزُّلْفَى: الحظوة، قال اللَّه تعالى: ﴿إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ (الزمر/ 3)، والمَزَالِفُ: المراقي، وأَزْلَفْتُه: جعلت له زلفى، قال: ﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾َ (الشعراء/ 64)، ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (الشعراء/ 90)"[15].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الاقتراب في اللحوق والاتّباع في قوله تعالى:

﴿وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ﴾. فبعد أن حكى الله تعالى قصّة النبيّ موسى عليه السلام وقومه، وما أجراه على يديه عليه السلام من معجزة شقّ البحر، فظهر فيه اثنا عشر طريقاً، وقام الماء عن يمين الطريق ويساره كالجبل العظيم، قرّب الله تعالى فرعون وقومه إلى موسى عليه السلام وقومه، استدراجاً وإغراءً لهم بدخول البحر، حتّى إذا خرج موسى عليه السلام وقومه منه، أطبِق الماء عليهم فأغرقهم، فماتوا وهلكوا[16].


5- قِبَلَ:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾[17].

- المعنى اللغويّ:

"القاف والباء واللام أصل واحد صحيح، تدلّ كلمه كلّها على مواجهة الشيء للشيء، ويتفرّع بعد ذلك"[18]. "والمُقَابَلَةُ والتَّقَابُلُ: أن يُقْبِلَ بعضهم على بعض، إمّا بالذّات، وإمّا بالعناية والتوفّر والمودّة. قال تعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾ (الواقعة/ 16)، ﴿إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ﴾ (الحجر/ 47). ولي قِبَلَ فلانٍ كذا، كقولك: عنده. قال تعالى: ﴿وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ﴾ (الحاقّة/ 9)، ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ (المعارج/ 36)، ويُستعار ذلك للقوّة والقدرة على الْمُقَابَلَةِ، أي المجازاة، فيقال: لا قِبَلَ لي بكذا، أي لا يمكنني أن أُقَابِلَه. قال: ﴿فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا﴾ (النمل/ 37)، أي: لا طاقة لهم على اسْتِقْبَالِهَا ودفاعها"[19].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى عدم القدرة والطاقة على المواجهة والدفع في قوله تعالى: ﴿ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَّا قِبَلَ لَهُم بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾. فبعدما جاء رسول مملكة سبأ إلى النبيّ سليمان عليه السلام بالهدايا من أهل المملكة - بعد أن أرسل إليهم عليه السلام يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد - أجابه عليه السلام مستفهماً على سبيل الاستنكار، بأنّه لا يحتاج إلى مالهم، وأنّ ما أعطاه الله تعالى من الملك والنبوّة والحكمة، خير ممّا أعطاهم من الدنيا وأموالها. فهو عليه السلام لا يكترث لأموال الدنيا زخارفها. ثمّ طلب عليه السلام منه أنْ يرجع بما جاء به من الهدايا، وأن يخبر قومه بأنّه سيأتيهم بجنود لا طاقة لهم بها، ولا قدرة لهم على دفعها، وسيخرجهم من تلك المملكة أذلاء إذا لم يأتوا إليه مسلمين[20].

---------------------------------------------------


[1] سورة الفرقان، الآية 18.

[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص316.

[3] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص152-153.

[4] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص286-287، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص190-191.

[5] سورة الفرقان، الآية 53.

[6] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص8.

[7] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص64.

[8] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص303-304، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص229.

[9] سورة الشعراء، الآية 54.

[10] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص273.

[11] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص450.

[12] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص332، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص276-277.

[13] سورة الشعراء، الآية 64.

[14] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج3، ص21.

[15] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص382.

[16] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص333، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص278.

[17] سورة النمل، الآية 37.

[18] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، ص51.

[19] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص654.

[20] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، م.س، ج7، ص382، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص362.

 
2022-11-01 | 355 قراءة