مفردات غريب القرآن الكريم 10

- المفردات:


- تَفَثَهُمْ

- غُثَاء

- كَالِحُونَ

- الْإِرْبَةِ

- قِيعَةٍ



1- تفثهم:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾[1].

- المعنى اللغويّ:

"التاء والفاء والثاء كلمة واحدة في قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾. قال أبو عبيدة: هو قصّ الأظافر، وأخذ الشارب، وشمّ الطيب، وكلّ ما يحرم على المُحْرِم، إلّا النكاح"[2]. و"قال الزّجاج: لا يَعْرِفُ أَهلُ اللغة التَّفَثَ إِلَّا من التفسير"[3]. و"قال تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾، أي: يزيلوا وسخهم. يقال: قضى الشيء يقضي: إذا قطعه وأزاله. وأصل التَّفْث: وسخ الظفر وغير ذلك، ممّا شأنه أن يزال عن البدن"[4].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى إزالة الأوساخ المادّيّة والمعنويّة في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾. فقد طلب الله تعالى من الناس بعد أدائهم مناسك الحجّ، إزالة شعث الإحرام، من تقليم الظفر، وأخذ الشعر وغسله، واستعمال الطيب، ... وحلّ كلّ ما حرم عليهم بالإحرام[5]. وكذلك يريد

الله تعالى منهم إزالة الموانع المعنويّة عن قلوبهم بلقاء إمامهم عليه السلام، فقد ورد عن عبد الله بن سنان، عن ذريح المحاربيّ قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إنّ الله أمرني في كتابه بأمر فأحبّ أن أعمله. قال عليه السلام: وما ذاك؟ قلت: قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾. قال عليه السلام: "ليقضوا تفثهم لقاء الإمام، وليوفوا نذورهم تلك المناسك". قال عبد الله بن سنان: فأتيت أبا عبد الله عليه السلام، فقلت: جعلت فداك، قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾، قال عليه السلام: "أخذ الشارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك". قال: قلت: جعلت فداك، إنّ ذريحاً المحاربيّ حدّثني عنك بأنّك قلت له: ﴿لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ لقاء الإمام، ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ﴾ تلك المناسك. فقال عليه السلام: "صدق ذريح وصدقت، إنّ للقرآن ظاهراً وباطناً، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح"[6].


2- غثاء:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾[7].

- المعنى اللغويّ:

"الغين والثاء أصل صحيح يدلّ على فساد في الشيء"[8]. و"قوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء﴾، أي أهلكناهم فذهبنا بهم، كما يذهب السيل الغثاء. والغثاء بالضم والمدّ: ما يجيء فوق السيل ممّا يُحمل من الزبد والوسخ وغيره. وقوله تعالى: ﴿فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء﴾: أي يابساً"[9].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى هلاك الظالمين في قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ

الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاء فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. فبعدما بيّن الله تعالى أنّ هؤلاء الكفّار سيصبحون نادمين على ما فعلوه، عقّبه بالإخبار عن إهلاكهم بالصيحة جزاءً حقّاً على كفرهم، فتأتي عليهم وتميتهم عن آخرهم، فيصيرون هلكى كالنبات الفاسد اليابس، الذي يحمله السيل ويرميه على جانبي الوادي، وقد ألزم الله لهم بعداً من الرحمة لظلمهم وتكذيبهم[10].


3- كالحون:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾[11].

- المعنى اللغويّ:

"الكاف واللام والحاء أصل يدلّ على عبوس وشتامة في الوجه، ومن ذلك الكلوح، وهو العبوس"[12]. و"قوله تعالى: ﴿وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾، هو من الكلوح، وهو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه، كما تقلّص رؤوس الغنم إذا شُيّطت بالنار. وقيل: كالحون: عابسون. والكلوح: تكشّر في عبوس، ومنه كلح الرجل كلوحاً وكلاحاً"[13].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى حالة الوجه بفعل عذاب النار في قوله تعالى: ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾, حيث ذكر الله تعالى مصير من خفّت موازينه من الطاعات، فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنّم خالدون، فيصيب وجوههم لفح النار ولهبها، وهم فيها عابسون، تتقلّص شفاههم وتبدو أسنانهم كالرؤوس المشويّة بفعل النار[14].


4- الإربة:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾[15].

- المعنى اللغويّ:

"الهمزة والراء والباء لها أربعة أصول إليها ترجع الفروع، وهي: الحاجة، والعقل، والنصيب، والعقد"[16]. و"الأرب: فرط الحاجة المقتضي للاحتيال في دفعه، فكلّ أربٍ حاجة، وليس كلّ حاجة أرباً.

ثمّ يُستعمل تارة في الحاجة المفردة، وتارة في الاحتيال، وإنْ لم يكن حاجة، كقولهم: فلان ذو أربٍ. وأريب، أي ذو احتيال. وقد أَرِبَ إلى كذا، أي احتاج إليه حاجةً شديدة. وقد أَرِبَ إلى كذا أَرَباً وأُرْبَةً وإِرْبَةً ومَأْرَبَةً. قال تعالى: ﴿وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى﴾ (طه/ 18). ولا أرب لي في كذا، أي: ليس بي شدّة حاجة إليه. وقوله: ﴿أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾, كناية عن الحاجة إلى النكاح، وهي الأُرْبَى، للداهية المقتضية للاحتيال، وتسمّى الأعضاء التي تشتدّ الحاجة إليها آراباً"[17].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الشهوة التي تحوج إلى الازدواج في قوله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا

مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ  ... التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ ...﴾. وقد اختلف المفسّرون في المراد من قوله تعالى: ﴿غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ﴾ على أقوال، فقيل: التابع الذي يتبعك لينال من طعامك، ولا حاجة له في النساء، وهو الأبله المولّى عليه، وهو المرويّ عن الأئمّة عليهم السلام. وقيل: هو العنّين الذي لا إرب له في النساء لعجزه. وقيل: إنّه الخصيّ المجبوب الذي لا رغبة له في النساء. وقيل: إنّه الشيخ الهرم لذهاب إربه. وقيل: هو العبد الصغير[18].


5- قِيْعَة:

 

- مَورِد المفردة في القرآن:

قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾[19].

- المعنى اللغويّ:

"القاف والواو والعين أصل يدلّ على تبسّط في مكان"[20]. و"قوله تعالى: ﴿كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ﴾. والقِيعُ والْقَاعُ: المستوي من الأرض، جمعه: قِيعَانٌ، وتصغيره: قُوَيْعٌ"[21].

- المعنى التفسيريّ:

استعمل القرآن الكريم هذه المفردة بمعنى الأرض المنبسطة المستوية في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾. فقد ذكر الله تعالى مثلاً للكفّار وأعمالهم التي يعملونها في الدنيا ويعتقدون أنّها طاعات تنفعهم يوم القيامة، فمثلهم يوم القيامة في طلبهم لنفع أعمالهم، كمثل العطشان الذي يسير وقد أعياه العطش،

فيلوح أمام نظره ماء في الأرض المنبسطة أمام ناظريه يلمع من بعيد بفعل انعكاس أشعّة الشمس على وجه الأرض، فإذا انتهى إليه رأى أنّه أرض لا ماء فيها، على ما كان يظنّه. فكذلك الكافر يحسب أنّ ما قدّمه من عمله سيكون نافعاً له، وأنّ له عليه ثواباً، والحقيقة أنّه ليس له ثواب. بل يجد الله تعالى عند عمله، فيجازيه على كفره، والله تعالى لا يشغله حساب عن حساب، فيحاسب الجميع على أفعالهم في حالة واحدة[22].

--------------------------------------------------


[1] سورة الحجّ، الآية 29.

[2] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج1، ص350.

[3] ابن منظور، لسان العرب، م.س، ج2، ص120.

[4] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص165.

[5] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص146-147، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج14، ص371.

[6] الكلينيّ، الكافي، م.س، أبواب الزيارات، باب إتباع الحجّ بالزيارة، ح4، ج4، ص549.

[7] سورة المؤمنون، الآية 41.

[8] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، مادّة "غَثّ"، ج4، ص379.

[9] الطريحيّ، فخر الدين: مجمع البحرين، ط2، طهران، نشر مرتضوي، مطبعة چاپخانهء طراوت، 1362هـ.ش، مادّة "غَثَا"، ج1، ص312.

[10] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص191، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص33.

[11] سورة المؤمنون، الآية 104.

[12] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، ص134.

[13] الطريحيّ، فخر الدين: مجمع البحرين، تحقيق: أحمد الحسينيّ، ط2، طهران، المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة، 1362 هـ.ش، ج2، ص408.

[14] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص211، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص69.

[15] سورة النور، الآية 31.

[16] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج2، ص89.

[17] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص72.

[18] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص242، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص112.

[19] سورة النور، الآية 39.

[20] ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج5، ص42.

[21] الأصفهانيّ، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، ص688.

[22] انظر: الطبرسيّ، مجمع البيان في تفسير القرآن، م.س، ج7، ص256، الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج15، ص130-131.

 
2022-11-01 | 379 قراءة