مفردات قرآنية 8

قَاعًا صَفْصَفًا

قال تعالى في سورة طه الآيات من الخامسة بعد المئة إلى السابعة بعد المئة: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا).

القاع: الأرض المستوية السهلة المنفرجة. والصفصف: المستوي المطمئنّ. ومنه قوله عز وجل (والطيرُ صافّات) أي باسطة أجنحتها مطمئنة.

وسؤال المشركين النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عن الجبال يوم القيامة مرتبط بعقيدتهم المنكرة له، وعجبهم من الجبال المرتفعة، وكيفيّة اندكاكها وانتسافها.

فقال تعالى في جوابهم: قل لهم يقلعها ربّي ويثيرها ويفرّقها فتصير مستوية مسطَّحة كأنّها قد تغربلت بعد الاندكاك، ولم يبق منها ارتفاع ولا انخفاض.

قال تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا). وقال عز من قائل: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا * فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا).


قومُ تُبَّع

وردت عبارة (قومُ تبّع) في القرآن الكريم مرّتين: الأولى في الآية السابعة والثلاثين من سورة الدخان في قوله تعالى: (أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ).

 والثانية في الآية الرابعة عشرة من سورة (قاف) في قوله عز وجل: (وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ).  

و(تُبّع) كان لقباً عاماً لملوك اليمَن، كـ(كسرى) لسلاطين إيران، وخاقان لملوك الترك، وفرعون لملوك مصر، وقيصر لسلاطين الروم.

والظاهر أنّ القرآن الكريم يتحدّث عن أحد ملوك اليمن خاصّة الذي ورد في الروايات أنّ اسمه (أسعد أبا كرب).

ويرى بعض المفسرين أنّ تُبّعاً هذا كان رجلاً مؤمناً، بدليل أنّ القرآن لم يذمّه وذمّ قومه، ولرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيها: (لا تسبّوا تُبّعاً فإنّه كان قد أسلم).

وجاء في رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: (إنّ تبّعاً قال للأوس والخزرج: كونوا ها هنا حتى يخرج هذا النبي، أما لو أدركته لخدمته وخرجت معه).

وورد في رواية أخرى أنّه قال لهم: (أقيموا بهذا البلد – أي يثرب- فإن خرج النبي الموعود فآزروه وانصروه، وأوصوا بذلك أولادكم، حتى أنه كتب رسالة أودعهم إياها ذكر فيها إيمانه بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.


مَفَاتِحُ الْغَيْبِ

قال تعالى في الآية التاسعة والخمسين من سورة الأنعام: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).

مفاتح جمع مِفْتَح – بكسر الميم - وهو المفتاح، أمّا لو قيل إنها جمع مَفتح – بفتح الميم -فهي بمعنى الخزانة.

وعلى الرأي الأول يكون المعنى: إنّ جميع مفاتيح الغيب بيد الله عز وجل.

وعلى الرأي الثاني يكون المعنى: إنّ جميع خزائن الغيب بيد الله تعالى.

ويُحتمل أن يكون المعنيان قد اجتمعا في عبارة واحدة، وكما هو ثابت في علم الأصول، فإنّ استعمال لفظة واحدة لعدّة معان لا مانع منه، وعلى كل حال فهاتان الكلمتان متلازمتان، لأنّه حيثما كانت الخزانة كان المفتاح.

وأغلب الظن أنّ مفاتح بمعنى مفاتيح لا بمعنى خزائن لأن الهدف من الآية هو بيان علم الله، فتكون المفاتيح وسائل لمعرفة مختلف الذخائر وهو أنسب بالآية.


نَنقُصها الأرض من أطرافها

ورد الحديث عن نقص الأرض من أطرافها في آيتين من كتاب الله تعالى، الأولى هي الحادية والأربعون من سورة الرعد في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).

والثانية هي الرابعة والأربعين من سورة الأنبياء في قوله عز وجل: (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ).

قال العلامة الشيخ محمد جواد مغنية في تفسير الكاشف: الأرض كرة لا أطراف لها كما للجسم المسطح، ولكنّها كبيرة تتسع لملايين الأجناس والأنواع من الكائنات والمخلوقات، وهي في تغيّر دائم . . فبينا يرى الإنسان أو يسمع أنّ هذه البقعة من الأرض آهلة بالسكان وأسباب الحضارة وأنواعها، وتلك البقعة صحراء جرداء، وإذا بالآهلة خراب يباب، وبالصحراء جنات وعيون . . وأهل الأرض كذلك:

حضارات تحيا، وأخرى تموت، ومُلك يقوم، وآخر يزول.. وهكذا دواليك، لا يدوم بؤس ولا نعيم في هذه الأرض، وقوله تعالى: (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) يشير إلى هذا المعنى، وأنّ العاقل يتعظ ويعتبر بهذه التقلبات والتغيرات.

وقال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: إتيان الأرض ونقصها من أطرافها كناية عن نقص أهلها بالإماتة والاهلاك.

وفي المروي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: ننقصها بذهاب علمائها وفقهائها وأخيارها.

2022-11-08 | 322 قراءة