جمع القرآن (1)

مقدمة:
وقع الاختلاف بين الباحثين في علوم القرآن في مسألة ترتيب السوَر وجمعها بين دفّتين، ويمكن حصر أقوالهم في هذه المسألة ضمن اتّجاهين رئيسين، هما: الأوّل: أنّ القرآن لم يجمع بين دفّتين إلا بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, والثاني: أنّ القرآن كان مجموعاً بين دفّتين في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وقد استدلّ أصحاب كلّ رأي بأدلّة وقرائن عدّة:


1- أدلّة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
يذهب أصحاب هذا الاتّجاه إلى أنَّ المصحف الذي بين أيدينا بنظمه وترتيب سوره مطابق للمصحف المجموع في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي :

أ- الدليل الأوّل: إنَّ القرآن كان يُدَرَّس ويُحفظ جميعه من قِبَل مجموعة من الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وأنّهم كانوا يعرضونه ويتلونه عليه صلى الله عليه وآله وسلم, ومن هؤلاء الصحابة: عبد الله بن مسعود، وأُبيّ بن كعب، وغيرهما. وكلّ ذلك يدلّ بأدّنى تأمّل على أنّه كان مجموعاً مرتّباً غير مبتور ولا مبثوث .

ويناقش هذا الدليل: بأنّ حِفظ القرآن, بمعنى حِفظ جميع سوَره التي اكتملت آياتها, سواء أكان بين السوَر ترتيب أمْ لا، وختمُ القرآن, بمعنى قراءة جميع سوَره من غير لحاظ ترتيب خاصّ بينها، أو أنّ الحِفظ, بمعنى الاحتفاظ على جميع القرآن النازل لحدّ ذلك الزمن، والتحفّظ عليه دون الضياع والتفرقة, الأمر الذي لا يدلّ على وجود ترتيب خاصّ كان بين سوَره, كما هو عليه المصحف اليوم.

ب- الدليل الثاني: تناقض أحاديث جمْع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ هذه الأحاديث متناقضة ومتضاربة في ما بينها، ففي بعضها تحديد زمن الجمع بعهد أبي بكر، وفي آخر بعهد عمَر، وفي ثالث بعهد عثمان، كما أنَّ بعضها ينصّ على أنَّ أوّل مَن جمَع القرآن هو زيد بن ثابت، وآخر ينصّ على أنَّه أبو بكر، وفي ثالث أنَّه عمَر، إلى أمثال ذلك من تناقضات ظاهرة.

ويناقش هذا الدليل: بعدم وجود مناقضة بين روايات جمْع القرآن, إذ لا شكَّ أنَّ عمَر هو الذي أشار على أبي بكر بجمْع القرآن، وهذا الأخير أمَر زيداً أن يتصدّى القضية من قِبَلِه، فيصحّ إسناد الجمْع الأوَّل إلى كلٍّ من الثَلاثة بهذا الاعتبار. نعم، نسبة الجمْع إلى عثمان كانت باعتبار توحيده للمصاحف ونَسْخها في صورة موحَّدة، وأمّا نسبة توحيد المصاحف إلى عُمَر فهو من اشتباه الراوي قطعاً, لأنَّ الذي فعَل ذلك هو عثمان بإجماع المؤرِّخين.

ج- الدليل الثالث: معارضة أحاديث جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأحاديث دلَّت على أنَّ القرآن كان قد جُمِعَ على عهده صلى الله عليه وآله وسلم, منها: حديث الشعبي، قال: جَمَع القرآن على عهده ستَّة: أُبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد. وفي حديث أنَس أنَّهم أربعة: أُبَي، ومعاذ، وزيد، وأبو زيد، وأمثال ذلك .

ويناقش هذا الدليل: بأنّ مفاد هذه الأحاديث: الحِفظ عن ظَهْر القلب، حيث إنّهم حفظوا جميع الآيات النازلة لحدّ ذلك الوقت، أمّا دلالة على وجود نَظْم بين سوَره فلا.

د- الدليل الرابع: منافاة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع آيات التحدّي، الدالَّة على اكتمال سوَر القرآن وتمايز بعضها عن بعضها الآخر، ومنافاته - أيضاً - مع إطلاق لفظ الكتاب على القرآن في لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم, الظاهر في كونه مؤلَّفاً كتاباً مجموعاً بين دفَّتين.

ويناقش هذا الدليل: بأنّ التحدّي كان بالآيات والسوَر أنفسهما، وبكلُّ آية أو سورة في القرآن، ولم يكن التحدّي بالترتيب القائم بين السوَر, كي يتوجَّه الاستدلال المذكور! على أنَّ التحدّي وقَع في سوَر مكّية  أيضاً، ولم يُجمَع القرآن قبل الهجرة قطعاً.

هـ- الدليل الخامس: مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع حُكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجمْعه وضبطه عن الضياع والإهمال.

ويناقش هذا الدليل: بأنّ اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشأن القرآن، شيء لا ينكَر، ومن ثمَّ كان حريصاً على ثبْت الآيات ضمن سوَرها فور نزولها، وقد حصل النَظْم بين آيات كلِّ سورة في حياته صلى الله عليه وآله وسلم.

و- الدليل السادس: مخالفة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إجماع المسلمين، حيث يَعتبرون النصَّ القرآني متواتراً عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نفسه، في حين أنَّ بعض هذه الروايات تشير إلى اكتفاء الجامِعين بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشهادة رجُلين أو رجُل واحد!

ويناقش هذا الدليل: بأنّ الجمْع بين السوَر وترتيبها ضمن مصحف موحَّد فم يحصل حينذاك, نظراً لترقّب نزول قرآن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, فما لم ينقطع الوحي لا يصحّ جمع القرآن بين دفَّتين، ومن ثمَّ لمّا أيقن بانقطاع الوحي بوفاته صلى الله عليه وآله وسلم أوصى إلى الإمام عليّ عليه السلام بجمْعه.

ومعنى تواتر النصّ القرآني هو: القطع بكونه وحْياً، الأمر الذي يحصل من كلّ مستند وثيق، وليس التواتر ـ هنا ـ بمعناه المصطلح عند الأصوليين.

ز- الدليل السابع: استلزام الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحريفاً في نصوص الكتاب العزيز، حيث إنّ طبيعة الجمْع المتأخّر تستدعي وقوع نقص أو زيادة في القرآن، وهذا مخالف لضرورة الدِين.

ويناقش هذا الدليل: بأنّ استلزام تأخّر الجمْع تحريفاً في كتاب الله، هو احتمال مجرَّد لا سنَد له، بعد معرفتنا بضبط الجامِعين، وقُرب عهدهم بنزول الآيات، وشدَّة احتياطهم على الوحي, بما لا يدَع مجالاً لتسرّب احتمال زيادة أو نقصان.

 

2- أدلّة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
كان القرآن مؤلّفاً ضمن سور متفرّقة في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وغير مجموع في موضع واحد ولا مرتَّب السوَر، حيث رحل النبي صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن منثور على العُسُب، واللِخاف، والرقاع، والأديم ، وعِظام الأكتاف والأضلاع، والحرير والقراطيس، وفي صدور الرجال.

ومع أنّ السوَر كانت مكتملة على عهده صلى الله عليه وآله وسلم مرتَّبة آياتها وأسماؤها، غير أنَّ جمعها بين دفَّتين لم يكن حاصلاً بعد, نظراً لترقّب نزول قرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

ولهذا، لم يُقدِم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على جمع القرآن ضمن دفّتين ، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه" . ويمكن إيجاز أدلّة أصحاب هذا الاتّجاه بالتالي:

أ- الدليل الأوّل: الشواهد التاريخية: إنّ قضية جمع القرآن قضيّة تاريخية، فلا بدّ من البحث عن حقيقتها بين طيّات التاريخ، والشواهد التاريخية تثبت أنّ القرآن جُمِعَ على شكل مصحف بعد رحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذه الشواهد:
- ما قاله زيد بن ثابت: قُبض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن القرآن جُمِعَ في شيء .
- ما نقله ابن قتيبة الدينوري عن ابن عيينة عن الزهري: قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والقرآن في العسب والقضم .

- ما نقله الزركشي عن أبي الحسين بن فارس في "المسائل الخمس": جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور، كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين, فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة، وأمّا الجمع الآخر - وهو جمع الآيات في السور - فهو توقيفي تولاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

- ما نقله الزركشي عن أبو عبد الله الحارث بن أسيد المحاسبي في كتاب "فهم 
 
السنن": كتابة القرآن ليست بمحدثة، فإنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر بكتابته، ولكنّه كان مفرّقاً في الرقاع والأكتاف والعسب. وكان ذلك بمنزلة أوراق وجدت في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فأمر أبو بكر بنسخها من مكان إلى مكان مجتمعاً، فجمعها جامع وربطها بخيط حتى لا يضيع منها شيء .

ب- الدليل الثاني: تدرّج نزول القرآن واستمرار حالة ترقّب نزول الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهو ما حال دون أن يجمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه .

ج- الدليل الثالث: لو كان القرآن مجموعاً ضمن مصحف في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكله الحالي، فما معنى أن يبادر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جمعه مرّة أخرى؟ ولماذا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم 
الإمام علي عليه السلام بجمعه بعد رحيله؟ فعن الإمام الصادق عليه السلام: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام: يا عليّ، القرآن خلف فِراشي في الصحُف والحرير والقراطيس، فخُذوه واجمَعوه ولا تضيِّعوه، كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق علي عليه السلام, فجمعه في ثوب أصفر، ثمّ ختم عليه في بيته، وقال: لا أرتدي حتى أجمعه، فإنّه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء, حتى جمعه" .

د- الدليل الرابع: ما هو الوجه في تبرير جمع الإمام علي عليه السلام على أساس ترتيب النزول بخلاف الجمع الذي كان عليه مصحف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أنّ المصحف الموجود بين أيدينا هو وفق ما جمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته؟! فعن الإمام الباقر عليه السلام: "ما ادّعى أحد من الناس أنّه جمع القرآن كلّه كما أنزل إلا كذّاب، وما جمعه وحفظه كما نزّله الله تعالى إلا علي بن أبي طالب عليه السلام والأئمّة من بعده عليهم السلام" .

قال ابن جزي: كان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مفرَّقاً في الصحُف وفي صدور الرجال، فلمّا توفّي جَمَعه عليّ بن أبي طالب على ترتيب نزوله، ولو وجِد مصحفه لكان فيه عِلم كبير، ولكنَّه لم يوجد .

أضف إلى ذلك، أنّ الصحابة الآخرين عمل كلّ واحد منهم على تأليف مصحف خاصّ به، وهذه المصاحف تختلف في ما بينها لجهة ترتيب السور .
 


الأفكار الرئيسة


1- أبرز الاتجاهات في جمع القرآن: الأوّل: جمعه في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, الثاني: جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

2- أبرز أدلّة جمع القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: عرض القرآن وتلاوته من قِبَل مجموعة من الصحابة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم, تناقض أحاديث جمْع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, معارضتها بأحاديث دلَّت على أنَّ القرآن كان قد جُمِعَ على عهده صلى الله عليه وآله وسلم, منافاة الجمع بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع آيات التحدّي، ومع إطلاق لفظ الكتاب على القرآن، مخالفته مع حُكم العقل الحاكم بوجوب اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بجمْعه وضبطه عن الضياع والإهمال، مخالفته مع إجماع المسلمين على تواتر النصَّ القرآني، استلزامه تحريفاً في نصوص الكتاب العزيز.

3- أدلّة جمع القرآن بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الشواهد التاريخية على جمعه بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم, تدرّج نزول القرآن واستمرار حالة ترقّب نزول الوحي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم, لو كان القرآن مجموعاً في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكله الحالي، فما معنى أن يبادر الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام إلى جمعه مرّة أخرى؟ ولماذا أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإمام علي عليه السلام بجمعه بعد رحيله؟، ما هو الوجه في تبرير جمع الإمام علي عليه السلام على أساس ترتيب النزول بخلاف الجمع الذي كان عليه مصحف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على فرض أنّ المصحف الموجود بين أيدينا هو وفق ما جمعه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته؟!
 


مطالعة

جمع القرآن الكريم وحفظه 
لم يزل القرآن الكريم بحسب حكمة الوحي والتشريع والمصالح والمقتضيات المتجدّدة آناً فآناً يتدرّج في نزوله نجوماً, الآية، والآيتان، والأكثر، والسورة. وكلّما نزل شيء هفت إليه قلوب المسلمين، وانشرحت له صدورهم، وهبوا إلى حفظه, بأحسن الرغبة والشوق، وأكمل الإقبال، وأشد الارتياح. فتلقوّه بالابتهاج، وتلقوّه بالاغتنام من تلاوة الرسول العظيم صلى الله عليه وآله وسلم , الصادع بأمر اللَّه، والمسارع إلى التبليغ والدعوة إلى الله وقرآنه. وتناوله حفظهم, بما امتازت به العرب، وعُرِفُوا به من قوّة الحافظة الفطرية، وأثبتوه في قلوبهم, كالنقش في الحجر.

وكان شعار الإسلام وسمة المسلم حينئذ, هو التجمّل والتكمّل بحفظ ما ينزل من القرآن الكريم, لكي يتبصّر بحججه، ويتنوّر بمعارفه وشرائعه وأخلاقه الفاضلة وتاريخه المجيد وحكمته الباهرة وأدبه العربي الفائق المعجز. فاتّخذ المسلمون تلاوته لهم حجّة الدعوة، ومعجز البلاغة، ولسان العبادة للَّه، ولهجة ذكره، وترجمان مناجاته، وأنيس الخلوة، وترويح النفس، ودرساً للكمال، وتمريناً في التهذيب، وسلماً للترقّي، وتدرّباً في التمدّن، وآية الموعظة، وشعار الإسلام، ووسام الإيمان والتقدّم في الفضيلة.

واستمرّ المسلمون على ذلك, حتى صاروا في زمان الرّسول صلى الله عليه وآله وسلم يُعدّون بالألوف وعشراتها ومئاتها. وكلّهم من حملة القرآن وحفاظه، وإن تفاوتوا في ذلك بحسب السابقة والفضيلة...

هذا ولمّا كان وحيه لا ينقطع في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن كلّه مجموعاً في مصحف واحد، وإن كان ما أُوحِيَ منه مجموعاً في قلوب المسلمين وكتاباتهم له... ولمّا اختار الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم دار الكرامة، وانقطع الوحي بذلك, فلا يرجى للقرآن نزول تتمّة, رأى المسلمون أن يسجّلوه في مصحف جامع، فجمعوا مادّته على حين إشراف الألوف من حفّاظه، ورقابة مكتوباته الموجودة عند الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكتّاب الوحي وسائر المسلمين, جملة، وأبعاضا وسوراً.

نعم، لم يترتّب على ترتيب نزوله، ولم يقدّم منسوخه على ناسخه، فاستمرّ القرآن الكريم على هذا الاحتفال العظيم بين المسلمين جيلاً بعد جيل، ترى له في كلّ آن ألوفاً مؤلّفة من المصاحف، وألوفاً من الحفّاظ، ولا تزال المصاحف ينسخ بعضها على بعض، والمسلمون يقرأ بعضهم على بعض، ويسمع بعضهم من بعض, تكون ألوف المصاحف رقيبة على الحفّاظ، وألوف الحفّاظ رقباء على المصاحف، وتكون الألوف من كلا القسمين رقيبة على المتجدّد منهما. نقول الألوف، ولكنّها مئات الألوف، وألوف الألوف. فلم يتّفق لأمر تاريخي من التواتر وبداهة البقاء, مثل ما اتّفق للقرآن الكريم, كما وعد الله جلّت آلاؤه بقوله في سورة الحجر: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ ، وقوله في سورة القيامة: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ .
 
 


المصادر والمراجع


1- القرآن الكريم.
2- الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص237-239، 241-243، 259-260.
3- السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص160، 170-17
4- الخوئي، البيان في تفسير القرآن، ص92، 240-258.
5- معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج1، ص287-292.
6- الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن، ج1، ص43.
7- البخاري، صحيح البخاري، ج6، ص103.
8- الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن، ج1، ص202-204.
9- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص120.
10- القمي، تفسير القمي، ج2، تفسير سورة الناس، ص451.
11- الدينوري، غريب الحديث، ج2، حديث الزهري...، ح1، ص304.
12- الكليني، الكافي، ج1، كتاب الحجّة، باب أنّه لم يجمع القرآن كلّه إلا الأئمّة عليهم السلام...، ح1، ص228.
13- ابن جزي، التسهيل لعلوم التنزيل، ج1، ص12.
 

2020-11-23 | 940 قراءة