إنسان بعمر 250 سنة | صلح الإمام الحسن (ع) وتبديل مجرى الخلافة 06

لقد قيل الكثير بشأن صلح الإمام الحسن عليه السلام. وأمّا ما أُريد أن أقوله فهو التّعامل مع قضيّة هذا الصلح من وجهة نظر جديدة. لأنّ هذه الحادثة تُمثّل مقطعًا تاريخيًّا شديد الحساسية يجعل أهميّة هذه الحادثة أكبر من أيّ حادثة سياسيّة طيلة تاريخ الإسلام.

 

إنّ تاريخ الإسلام مليءٌ بالأحداث المختلفة - أحداث عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وما بعده وعصر أمير المؤمنين عليه السلام والحوادث في عهد الأئمّة عليهم السلام والأمويّين والعبّاسيّين - فالإسلام تاريخٌ مليءٌ بالحوادث المهمّة. لكن قليلةٌ هي الأحداث الّتي لدينا والتي تُشبه هذه الحادثة، حادثة الإمام الحسن عليه السلام، من حيث البُعد المصيريّ للتّاريخ الإسلاميّ كلّه، فأنا العبد قد نقّبت وبحثت في تاريخ الإسلام ولعلّه يوجد ما يشبه هذه الحادثة واحدة او اثنتين، كان لهما هذا التّأثير على كل تيّار حركة الإسلام وتاريخ الإسلام كلّه وعلى مرّ القرون المتمادية. فمن هذه النّاحية، فإنّ حادثة (الإمام الحسن) حادثة مهمّةً جداً.

 

خلاصة الأمر إنّ هذه الحادثة عبارة عن تبديل تيّار الخلافة الإسلاميّة إلى المَلَكية. هذه جملة مليئة بالمعنى والمضمون لو تأمّلنا فيها. فالخلافة هي نوع من الحكومة والملكية هي نوعٌ آخر. ولا ينحصر التمايز بين هاتين بخصوصيّة واحدة أو خمس خصوصيّات. فمسار الملكيّة ومسار الخلافة، هما مساران منفصلان ويتمايزان بالكامل على مستوى إدارة المسلمين وحكمهم، وإدارة البلاد والمجتمع الإسلاميّ.

 

ففي هذه الحادثة تبدّل مسار القطار العظيم للتاريخ الإسلاميّ والحياة الإسلاميّة، مثلما يحدث عندما تنظرون إلى القطارات عند تغيّر مساراتها، ففي محلٍّ ما يتمّ تبديل هذه السكّة ويؤدّي ذلك إلى أن يتغيّر مسار القطار 180 درجة، وقد يكون القطار متّجهًا شمالًا فيُصبح بعد ذلك متّجهًا جنوبًا. وبالطبع، إنّ هذا التغيير إلى 180 درجة لا يحصل في لحظةٍ واحدة ٍملموسة، لكن مآل ذلك أنّ الإنسان يُشاهد شيئًا يُشبه هذا الأمر. أنا أنظر إلى هذه الحادثة من زاوية النّظر هذه.

 


المصدر: كتاب إنسان بعمر 250 سنة، للامام الخامنئي، الفصل الخامس : الإمام الحسن (ع)

2025-04-21 | 11 قراءة